القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost]

شرح آية " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا "

شرح آية " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا "


يقول الله عز وجل في وصف حال الناس في الحشر: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم:٨٥ - ٨٦] هكذا يحشر المتقون، وهكذا يساق المجرمون، وحق لنا -نحن الموحدين- أن نفخر في هذه اللحظات، وأن ننادي على هؤلاء ونقول لهم: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مريم:٧٣] ألم يسخر المشركون من الموحدين في الدنيا؟! ألم يهزأ المجرمون من الموحدين في الدنيا؟! ألم يعير المجرمون الضعفاء والفقراء من المؤمنين؟! ألم يقولوا لهم في جزيرة العرب {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مريم:٧٣]؟! ها نحن الآن وقد ذهب المال وضاع السلطان، ورحلت الدنيا، ولم يبق إلا العمل الصالح في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٩] {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:٨٧].

وحق لنا -نحن الموحدين- أن نفخر، وأن نسعد، وأن نشكر الله جل وعلا، وأن ننادي على هؤلاء المجرمين ونقول لهم: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مريم:٧٣].

قال الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم:٨٥] هكذا يحشر الله المتقين: وفداً، يركبون على نجائب من نور، وهي من مراكب الدار الآخرة، انظروا معي أيها الأحباب إلى هذا الوفد المهيب الجليل، إنه وفد الموحدين! إنه وفد المتقين! إنه وفد المؤمنين! إنه وفد عجيب! إنه وفد مهيب! إنه وفد جليل! إن وجوههم نور، وإنهم ليركبون على مراكب من نور، فإلى أين يتجه هذا الوفد المنير؟! إنه وفد قادم على العلي القدير، إنهم قادمون على الله العلي الأعلى جل وعلا، إنهم قادمون إلى خير موفود عليه، إلى دار كرامته ورضوانه، ولقد ورد في مسند الإمام أحمد وساق سنده إلى أن قال: حدثنا النعمان بن سعد قال: (كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقرأ علي هذه الآية: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم:٨٥] فقال علي رضي الله عنه: لا والله ما على أرجلهم يحشرون؛ لأن الوفد لا يحشر إلا راكباً، يحشر الله المتقين، فيركبون على نوق من الجنة، لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل الذهب، فيركب المتقون عليها حتى يصلوا بها إلى أبواب الجنة) {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم:٨٥]

سوق المجرمين إلى جنهم ورداً

أما المجرمون فإنهم يساقون إلى جهنم ورداً، يساقون إلى جهنم عطاشى، وانظروا معي إلى دقة اللفظين: (يحشر) و (يساق) إنه التكريم للمتقين، والتوبيخ والاستهزاء والسخرية بالمجرمين والمشركين والظالمين، هكذا يحشر المتقون، ويساق المجرمون كما تساق البهائم والدواب.

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا * لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} [مريم:٨٥ - ٨٧].

.

فلا شفاعة لهم عند الله، ولا شفيع لهم عند الله جل وعلا؛ لأنه لا حق في الشفاعة إلا لأهل التوحيد، لا يملك الشفاعة إلا أهل التوحيد والإيمان، ولا يستحق الشفاعة إلا أهل التوحيد والإيمان: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:٨٧] أي: لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً هم أهل الشفاعة، وهم الذين سينالون الشفاعة.

.

{لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم:٨٧] والعهد هو: لا إله إلا الله، وهي كلمة التوحيد والإخلاص التي من أجلها خلق الله السماوات والأرض، ومن أجلها أنزل الله الكتب، ومن أجلها أرسل الله الرسل، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥] كلمة التوحيد والإخلاص هذه هي العهد الباقي والمدخر لكل من قال: لا إله إلا الله، في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون (إلا من أتى الله بقلب سليم).

فضيله الشيخ محمد حسان 

reaction:

تعليقات