لقد مرّ بنا هذا الشهر المبارك كطيف خيال مرّ بخيراته وبركاته مضى من أعمارنا وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعناه فيه فليفتح كل واحد مِنَّا صفحة محاسبة لنفسه.. ماذا عملنا فيه؟ وماذا استفدنا منه؟ وما أثره في نفوسنا؟ وما ثمراته في واقعنا؟ وما مدى تأثيره على العمل والسلوك والأخلاق؟ من الناس من يحزن وتخيم عليه الكآبة حين ينتهي رمضان.أغلب هؤلاء الحزانى لفراق رمضان هم من الطائعين المجتهدين في الطاعة في رمضان! أولئك الذين تفانوا في العبادة وسالت دمعات الخشية الحارة من أعينهم، الذين جعلوا في رمضان بداية عهد جديد مع الله، عهد التقوى. ويخشون أن يكونوا ممن يقال فيهم {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل من الآية:92].. "فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان".. ويريدون أن يكونوا ممن قيل فيهم فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه *** ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله أيها الأحباب... كثيرًا ما يشعر الناس بكسل وفتور بعد انقضاء الطاعات ولا سيما بعد شهر رمضان المبارك وما إن لملم رمضان رحاله إلا وأغلقت المصاحف، وجفّت العيون، وطويت سجاجيد الصلاة، وسكتت الألسن التي طالما لهجت بذكر الله، وبشمت البطون التي طالما جاعت حسبة لله، وابتلت العروق التي طالما تشققت تطلعًا لما عند الله. فهُجِر القرآن، وتُرِك الصيام، واستبدل الناس بذكر ربهم نجوى لا خير فيها.
فكيف يكون رمضان (12) شهرًا لا شهرًا واحدًا؟ وكيف يظل منحنى الطاعة فيه وفي بقية الشهور بعده في قمته؟
1) الصلاة: مهما كانت الالتزامات اجعل صلاتك في أول الوقت، مع الالتزام بالنوافل وصلوات الضحى الحاجة و الاستخارة، أما صلاة التراويح التي نستطيع أن نصليها كل يوم ثماني ركعات، فلتكنْ بداية لصلاتنا قيام الليل طوال العام. حتى إذا جاءك يوم منهك فيه ولا تستطيع القيام فلتجمع قلبك في ركعتين خفيفتين تجدد عهدك فيهما مع الله وتعذر إليه.
2) تدريب النفس على الخشوع في الصلاة وتفهُّم معانيها حتى نتلذذ بالصلاة، وننتظر بلهفة الصلاة بعد الصلاة، ولا ييأس من لم يستطيع الوصول لهذه المعاني الطيبة في رمضان، ويلا يقنط من رحمة الله فربما كان الندم يقربه من التوبة والخشوع أكثر.
3) القرآن والحرص على قراءته بتدبُّر وكأن الله هو الذي يحدثك في كل آية تقرؤها عينك أو تسمعها بأذنك.
4) القيام والثبات عليه. فلنعاهد الله، ثم أنفسنا على أن نكمل القيام بعد رمضان.
5) الإنفاق فالنفس مجبولة على حُبِّ المال، فإذا أنفقته في سبيل الله، فهذا يعني أن حبك لله يفوق حبك للمال، ولنجعل الصدقة كلما استطعنا فكم من فقير ومسكين يحزن لفراق رمضان لأن الناس يتوقفون عن الصدقة بعد موسم الخير في رمضان.
6) صلة الرحم كما يقول سيدنا علي بن أبي طالب؛ لأنه يرقِّق القلوب، ويشيع البساطة بين الناس، ويا حبذا لو دعونا إلى بيوتنا مَن كانت بيننا وبينهم مشكلات وشحناء لإصلاح ذات البين؛ فالله تعالى يغفر للناس في كل اثنين وخميس، إلا اثنين بينهما شَحْناء فينظرهما حتى يصطلحا، فلننبذْ خلافاتنا، ونصلْ مَن قطعنا لله تعالى.
7) أمسك عليك لسانك وعوِّده على قول الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبُعد عن الغيبة والسبّ، والكفِّ عن الصوت العالي مع الزوج والولد والجار{إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19]، ولتحافظ على لسانك رطبًا بذكر الله. 8) احذر التلفاز: فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب؛ فرمضان وقته ثمين وغالٍ، ولا وقت لنضيّعه، وإن انتهى رمضان فاحذره لأنه مليء بالعُرْي والسفور، ونحن في غنًى عن ذلك طوال العام وقل (اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك). 9) الاهتمام بالدعوة إلى الله ذلك أن القلوب في رمضان تكون مستعدة للهداية والبعد عن المعاصي. وبعد رمضان تكون في حذر ألا يقبل الله منها فتخشع ويدعوها ذلك للثبات.
10) الاعتكاف لا تتركه ولو بين صلاة المغرب والعشاء مثلاً بالمسجد، كسُنَّة عن الرسول ، مع الإقلال من الطعام كما كنت في رمضان.
11) التوبة: إلى الله والعزم على عدم العودة إلى الذنوب وخصوصاً ذنوب الخلوات، والندم على ما فات، وردّ المظالم لأصحابها.
رابط القناه على اليوتيوب
الموقع
رابط الجروب
رابط الصفحة