القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost]

خطبة مكتوبه عن استقبال رمضان للشيخ محمد العريفي |شارح القرآن



أولا رابط تحميل الخطبه
https://docs.google.com/uc?export=download&id=0B7gHJ7oArg72b29iRXJSSmhBOGM
ثانيا قراءة مباشرة للخطبة 


خطبة الجمعة من جامع البواردي بحي العزيزية بالرياض

بعنوان : استقبال رمضان

للشيخ: محمد بن عبد الرحمن العريفي



الخطبة الاولـى

الحمد لله الذي فرض على عباده الصيام، وجعله مطهرا لنفوسهم من الذنوب والآثام، أحمده سبحانه، فهو العليم القدير الذي فرض على عباده ما يشاء، وأجرى عليهم المقادير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وهو أفضل من صلى وصام، ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما اتصلت عينٌ بنظر و وعت أذنٌ بخبر وسلم تسليماً كثيرا...

أما بعد أيها المؤمنون:

إن الله جل وعلا لما خلق الخلائق فاضل الله تعالى بينهم، فجعل الله تعالى من الشهور بعضها أفضل من بعض وجعل من الأيام بعضها أفضل من بعض وجعل من الناس بعضهم أفضل من بعض كما بين الله عز وجل ذلك في كتابه لما قال سبحانه وتعالى عن الأنبياء:[تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ] فجعل الله تعالى خير الرسل هم أولي العزم ثم جعل خير أولي العزم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم.

أيها المسلمون: إننا نستقبل بعد أيام شهرا عظيما أنزل الله تعالى فيه القرآن وفضله الله تعالى على جميع الشهور[شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ] إن إدراك المرء لرمضان هو نعمة ربانيه ومنحة إلاهية وهو بشرى تساقطت لها الدمعات وانسكبت لها العبرات كما كان عليه الصلاة والسلام يفرح بمقدم رمضان ويبشر بذلك أصحابه كما روى النسائي في السنن وأصله في الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال يوما لأصحابه:((أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم)) وفي رواية قال:((وفيه تصفد الشياطين)) نعم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فضله الله تعالى بعدد من الفضائل فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم...

أيها المسلمون إن الأيام تمر سريعا ولقد ودعنا رمضان الماضي وما هي إلا أشهر مرت كساعات فإذا بنا نستقبل رمضان آخر، وكم أدركنا أقواما صاموا معنا رمضان أعواما ثم هم اليوم من سكان القبور ينتظرون البعث والنشور، ومن يدري ربما يكون رمضان هذا لبعضنا هو آخر رمضان يصومه ، إن إدراك المرء لرمضان هو نعمة من الله تعالى عليه لا بد أن يهتدي لها، لقد كان السلف رحمهم الله تعالى يفرحون بمقدِم رمضان ويعدون إدراكهم لرمضان نعمة ومنة من الله تعالى عليهم ويفرح المرء أن الله تعالى قد زاد له في عمره أن أدرك شهر رمضان، قال المعلى بن فضل: "كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان" من شدة تشوقهم إليه كان الواحد إذا شعر من أول السنة بمقدم رمضان يرفع يديه ويدعو الله تعالى ألّا يقبض روحه حتى يجعله ممن يقوم رمضان ويصومه، وقال يحيى بن كثير كان من دعائهم انهم يقولون: "اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا" كانوا ينتهزون تلك الساعات ويشتاقون إليها...

باع أحد السلف جارية له لأحد الناس فلما أقبل رمضان جعل سيدها الجديد يتهيأ بأنواع الطعام والشراب فقالت لهم: "لماذا تفعلون ذلك ينزل بكم ضيف ؟؟؟ لماذا تشترون طعاما زائدا وجديدا وتجعلونه في البيت ؟؟؟ ينزل بكم ضيف؟؟؟

قالوا: لا، إنما هو لاستقبال الصيام في شهر رمضان.

قالت: سبحان الله وأنتم قوم لا تستقبلون الصيام إلا في رمضان، والله لقد جئتكم من عند قوم السَّنة كلها عندهم رمضان، رُدوني إلى سيدي الأول. فلا زالت بهم حتى رَدوها إلى سيدها الأول.

وكان للحسن بن صالح وكان عابدا زاهدا صالحا رحمه الله تعالى كان له جارية فباعها إلى قوم فلما جاء السحر قبيل الفجر جعلت تصيح بهم الصلاة الصلاة فاستيقظوا قالوا لها: أذن الفجر؟؟؟

فقالت لهم: كلا لم يؤذن الفجر إنما هي صلاة الليل، سبحان الله وأنتم قوم لا تصلون إلا المكتوبة؟؟؟ "لا تصلون إلا الفريضة ليس عندكم شيء اسمه صلاة الليل وأنتم قوم لا تصلون إلا المكتوبة ؟؟؟

فلازالت بهم حتى ردوها إلى الحسن بن صالح قالت له: لقد بعتني إلى قوم سوء لا يصومون إلا المكتوب ولا يصلون إلا المكتوبة يعني لا يعملون إلا بالفرائض وليس لهم تقرب إلى الله تعالى بشيء من النوافل.

أيها المسلمون إن إدراك المرء لرمضان نعمة ربانيه عليه، إن لم ينتهزها الإنسان بطول صلاته وصيامه وكثرة بكائه وقيامه ويستغل فعلا تلك الساعات ويحذر من أن يضيعها عليه أعوان الشياطين، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما تحدث عن رمضان قال:((وتصفَّد فيه الشياطين)) وفي رواية قال:((تصفَّد فيه مردة الشياطين)) يعني كبار الشياطين وعفاريتهم، فإذا كان الله تعالى إعانة لنا على كثرة الصيام وكثرة القيام وكثرة قراءة القرآن ليعيننا على ذلك يصفِّد ويقيِّد ويَغِلُّ الشياطين عنا حتى لا تتسلط علينا كما تتسلط علينا في غيره من الشهور، فإذا كان الله تعالى يعيننا بأن يصفِّد عنا الشياطين حتى نستطيع أن نتعبد وإن ضعف إيماننا لكننا نتعبد أكثر لأن الشياطين لا تتسلط فلا يليق بنا بعد ذلك أن نطيع شياطين الإنس الذين يتسلطون علينا بأغنية ماجنة ورقصة فاتنة ولا يطيب لهم فقط أن يشغلوا ليل الصائمين وإنما أيضا يشغلون بذلك نهارهم...

إن الصِّيام له حكمة عظيمة في فَرْضيته، ليست القضية أيها المسلمون ترك طعام أو شراب كلا، القضية أبعد من ذلك بكثير... بيَّن الله عز وجل ذلك في كتابه وهو يخبرنا سبحانه وتعالى أن الصيام لم يفْرض على أمتنا فقط كلا بل إنه فرض ايضا على الأمم السابقة ، ألم تر أن موسى عليه السلام لما أراد أن يُكلم الله تعالى صام ثلاثين ليلة ثم أتمها بعد ذلك بعشر، ألم تر أن مريم قالت:[ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا] يعني إمساكا، فكان لفظ الصوم معروفا عندهم سواء الإمساك عن الكلام، أو الإمساك عن الطعام والشراب.

كتب الصوم علينا كما كتب على الذين من قبلنا كما أخبر الله جل وعلا بذلك في كتابه فقال سبحانه وتعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] فهو نداء لكل من في قلبه ذرة من إيمان[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] يتوجه المؤمنون إلى الله إذا سمعوا هذا النداء، فإما خير تُؤمر به أو شر تُنهى عنه قال:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ] أي فرض وأُوجب عليكم الصيام،هل هو مكتوب علينا يا ربنا فقط أم أنه أيضا على الأمم التي من قبلنا ؟ قال:[ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] _لعلكم ماذا؟ _هل القضية لعلكم تصحون؟_ أم لعلكم لأموالكم توفرون؟_ أم لعلكم بآلام الفقراء الجائعين تحسون؟_ أم لعلكم للطعام تتركون؟_ قال:[ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ][ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ]_ إذن الصيام فرض على قوم شعيب لعلهم يتقون، وفرض على قوم صالح لعلهم يتقون، وفرض على قوم موسى لعلهم يتقون، وعلى قوم عيسى لعلهم يتقون، [كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ]، والتقوى خشية دائمة، التقوى الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

الصيام أيها الأفاضل لا يتعلق بل ولا يتعامل مع الفم ولا يتعامل مع اليد ولا يتعامل مع البطن، الصيام إنما يتعامل مع القلب، فإذا صمت فتأثر فمك، وتأثرت بطنك، ولم يتأثر قلبك "فما حججت ولكن حَجَّتِ العير"، ما صمت في الحقيقة ولا حققت الغاية من الصيام كما قال عليه الصلاة والسلام:((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه)) ما المعنى أن تصوم ثم لا يؤثر الصوم في بقية جوارحك ؟؟؟

أيها المسلمون القلب سيد الجوارح، إذا صَلُح صَلُح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، من كان صائما لله تعالى بالصوم الحقيقي الذي شُرِعَ الصوم لأجله فكما يصوم قلبك فينبغي أن يصوم لسانك عن الطعام ويصوم أيضا عن الكلام الباطل والآثام ، كما أنه يصوم قلبك لابد أن تصوم عينك عن النظر الحرام ويصوم سمعك عن السماع الحرام وأن تصوم يدك عن اللمس الحرام وتصوم رِجلك عن المشي للحرام ، إذا كان الصوم يؤثر في القلب فيصْلح عندها يؤثر هذا القلب في كل الجوارح ((إن في الجسد مضغة إذا صَلُحت صَلُح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) تجد أن الإنسان إذا نظر إلى الحرام قسى قلبه وإذا تكلم بالحرام قسى قلبه وإذا أكل الحرام قسى قلبه فلا تزال هذه الأعضاء تؤثر في القلب، وإذا رق القلب وخاف من الله تعالى وصار مليئا بالإيمان معظما لرب العالمين، إذا صلح هذا القلب عندها استطاع أن يأمر العين فتغض البصر، وأن يأمر اللسان فيمسك عن الحرام، وأن يأمر اليد، ويأمر الرجل، ويأمر الأذن، إذا صلحت صلح الجسد كله، فإذا صمت فحققت التقوى بقلبك عندها فعلا تحقق المعنى العظيم من الصيام، وقد مدح النبي عليه الصلاة والسلام الذين يصومون الصوم الشرعي الذي يريده الله تعالى فقال النبي عليه الصلاة والسلام يقول الله تعالى:((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) ، وفي الصحيح قال عليه الصلاة والسلام :((إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون فإذا دخلوا منه أغلق فلم يدخل منه أحد غيرهم)) وقال عليه الصلاة والسلام:((من صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار مسيرة سبعين خريفا)) هذه المعاني التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام تعظيما لأمر الصيام لا تتحقق لمن امتنع فقط فحسب عن طعام وشراب دون أن يصلح قلبه بذلك أو يبتعد عن المحرمات.

 أيها المسلمون إننا في كثير من الأحيان نتكلم عن الصيام وفضله وعن تعظيمه وعن تعظيم رمضان وأن شهر رمضان ينبغي أن يخصه العبد بمزيد عبادة وقربة إلى الله تعالى ونتكلم أيضا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(( رغِم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه)) قيل: من يا رسول الله قال:((من أدرك رمضان ثم خرج عنه فلم يغفر له)).

نحن نتكلم عن ذلك كثيرا في مجالسنا وربما نحفظه أيضا من أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن ما جانب تطبيق هذا في حياتنا؟، هل هو فعلا مؤثر؟، لما يجلس الإنسان في المسجد ثم يأخذ المصحف فإذا قرأ لمدة ربع ساعة أو عشرين دقيقة ثم حدثته نفسه أن يغلق المصحف ويخرج إلى بيته لينام أو ليجلس على الحاسب الآلي أو التلفاز أو ما شابه ذلك...هل تؤثر فيك هذه الأحاديث فتقول لنفسك كلا بل سأقرأ أكثر وسأختم القرآن كل ثلاث ليال أو كل سبع ليال...هل أنت تستطيع أن تسوق نفسك إلى الخير بحفظك لهذه النصوص؟، هل عندما تجلس في بيتك ثم تشغل التلفاز ويكون هناك أنواع من القنوات الفضائية من أقوام لا خلاق لهم لا يعظمون رمضان ولا يعظمون الصائمين ولا يهمهم أن يختم الله تعالى رمضان بمغفرة لك أو بلعنة.

أيها الأفاضل إن كثيرا ممن ينشرون تلك المسلسلات في عدد من القنوات الماجنة والذين يكتبون حواراتها والذين يعدون السيناريو بل وأحيانا الذين يمثلون فيها لن تجدهم إذا بحثت في سيرهم أو تأملت في أحوالهم لن تجدهم والله من العلماء العاملين ولا من الدعاة المصلحين ولا من العباد الخاشعين إنما تجد فيهم كفارا وربما ملحدين وأقواما لا يفقهون شيئا أبدا ...

بل قبل أيام قليلة كنت مع أحدهم و هو مشرف على تصوير مسلسل تاريخي إسلامي ومسلسل أيضا حرص على أن يكون محافظا قدر المستطاع ، ليس فيه معازف، حاول ألا يكون فيه وجود للمرأة أو من بعيد أو بحجاب أو نحو ذلك...عنده من التحفظ ما ليس عند غيره ومع ذلك يحدثني قبل أيام خارج المملكة فيقول لي: "لما أردنا يا شيخ أن نصور الصلاة مع الممثلين هذا يمثل دور فلان من الصحابة وهذا يمثل دور فلان من الصحابة يمثلونهم !!! يقول فلما وقفوا يصلون يمثلون مشهدا عن الصلاة يقول فإذا هم واقفون ووالله يا شيخ إن بعضهم قد وضع يده اليسرى على اليمنى فجئت أعدل يده أقول له أنت لم تصل في حياتك؟؟؟!!!

قال :لا والله لم أصل من قبل!!!

وهم أسمائهم إسلاميه يقول فوضعت يده اليمنى على اليسرى يقول فلما وقفوا فإذا هم يتلفتون فجئت وقلت لا يصلح أن تتلفتوا ثم ذهب وأخذت أنظر فبدأ التصوير فقلت كل واحد ينظر إلى موضع سجوده فلم يفهموا كلمة موضع سجوده!!!

يقول والله العظيم يا شيخ قالوا: "ما معنى موضع سجوده"؟؟؟!!!

قلت: "يعني ينظر تحت".

هم ممثلون يقول فجعل كل واحد ينظر إلى قدميه!!!

قلت: لا، لا يصلح أن تنظر بهذه الطريقة، انظر إلى مكان موضع السجود

يقول وإذا هم لم يركع أحدهم لله ركعة طوال حياته ...يحدثني المرافق للمخرج يعني المستثمر الذي ينشئ المسلسل ليبيعه على القنوات يحدثني بنفسه...

فإذا كانت هذه أنواع الذين يمثلون فما بالك ربما بمن يقومون عليهم أو يمولونهم أو إلى غير ذلك؟؟؟

فلا ينبغي أن يضيع المرء حياته وساعاته في رمضان أن يضيعه بأقوام لا خلاق لهم، ويبدأ يمر عليك يوميا ساعة العصر في متابعة مسلسل وساعة أو ساعتين في الليل في متابعة مسلسل ومسابقات والملائكة تنظر إليك ورب العالمين يراقبك وملائكة الرحمة يترقبون عملا صالحا منك يصعد إليهم والملائكة الحافظون الكاتبون يترقبون عملا صالحا منك أو تسبيحة أو تهليلة ليسجلوها في صحائفك وإذا بك تمضي ما لا يقل عن ثلاث إلى أربع ساعات يوميا أمام التلفاز أو ربما بعض الأخيار أمضاها أو أمضى قريبا منها على الكمبيوتر ويجلس يدخل إلى المنتديات ويخرج منها ولا يفرِّق بين حاله في رمضان وحاله في غيره...

أيها الأفاضل كان السلف رحمهم الله تعالى إذا دخل رمضان تركوا حتى دروس العلم وينشغلون بالعبادة!

سفيان الثوري كان عنده دروس علميه يشرح عقيدة وفقه وتفسير فإذا دخل رمضان ترك جميع الدروس وأوقفها وجعل يشتغل بقراءة القرآن والتعبد...

الزُّهري إمام محدث وكان إذا دخل عليه رمضان ترك جميع ما كان يشتغل به من الحديث وتعليم الناس واشتغل بالقراءة والتعبد والتقرب إلى الله تعالى

فإذا كانوا يتركون شيئا مباحا بل شيئا هو عمل صالح عظيم يتركونه وهو تعليم العلم يتركونه للاشتغال بالعبادة الشخصية فما بالكم لو أنهم أدركوا وقتنا اليوم ورأوا أقواما ينشغلون ببرامج في التلفاز أو غير ذلك؟؟؟!!!

احذر...[ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا]


والنفس كالطفل إن تهمله شب على ...حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

           فخالف النفس والشيطان واعصهما ...وإن هما ما حظاك النصح فاتهمِ

ولا تطع منهما خصما ولا حكما...فأنت تعرف كيد الخصم والحكم

النفس إذا أطلقت لها العنان تنظر إلى ما شاءت وتستمع إلى ما شاءت وتقضي وقتها كيف شاءت خسرت وأوبقت نفسك أما إن سقتها أنت إلى الخير ودللتها عليه وعودتها عليه تجدها أنها بعد ذلك تنساق بك إلى الخير كما سُقتها إليه، أسأل الله تعالى أن يسلمنا إلى رمضان ...اللهم سلمنا إلى رمضان اللهم سلمنا إلى رمضان وسلم لنا رمضان وتسلمه منا متقبلا يا رب العالمين...اللهم كما بلغتنا شعبان فبلغنا رمضان اللهم ارزقنا فيه الصلاة والصيام والقيام يا ذا الجلال والإكرام

اقول ما تسمعون وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم


الخـطبـه الثـانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين ...

أما بعد أيها الإخوة الكرام:

إن العبد المؤمن الصالح هو الذي يضع خطة لنفسه من أول رمضان ويسير عليها، فيضع لنفسه خطة في قراءة القرآن، فيقرر أن يقرأ يوميا ثلاثة أجزاء، أو خمسة أجزاء أو نحوا من ذلك بحيث أنه يمشي على هذه الخطة لا يخيبها ولا يغيرها أبدا والإنسان إذا قرر مع نفسه ذلك سلم يضع لنفسه أن يقوم الليل كل ليله وألّا ينصرف من الإمام حتى ينصرف الإمام نفسه كما قال عليه الصلاة والسلام:((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه)) وكما قال عليه الصلاة والسلام: ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة))

السلف رحمهم الله تعالى إذا قرأت في سيرهم وجدت أعاجيب في طول صلاتهم وقيامهم في غير رمضان فما بالك في رمضان...

يقول حذيفة رضي الله تعالى عنه: (قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، كان صلى الله عليه وسلم يصلي في بيته) و حذيفة رضي الله تعالى عنه قام يصلي معه الليل في غير رمضان قال:( فافتتح سورة البقرة قلت يقف عند المائة قال فجاوزها قلت يصلي بها في ركعة فختمها فافتتح النساء ثم افتتح آل عمران فقرأ عليه الصلاة والسلام ثلاث سور طِوال قريب من سبعة أجزاء في ركعة واحدة قال ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم رفع ثم سجد فكان سجوده نحوا من ركوعه }. والحديث في الصحيح وجاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضا رواية مثلها لما صلى مع النبي عليه الصلاة والسلام... هذا في غير رمضان وفي رمضان كان لهم أعاجيب

في المُوطَّأ عن ابن هرمز قال:" كان القارئ يقرأ بالمئين في صلاة التراويح حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام"

وعن عبد الله بن السائب عن أبيه في الموطأ أيضا قال: "كان القارئ يقرأ بسورة البقرة في ثمان ركعات" ... هم كانوا يصلون ثلاثا وعشرين ركعة قال: "فكان القارئ في أربع تسليمات في ثمان ركعات يقرأ بسورة البقرة كاملة " قال: "فإذا قرأ بها في اثنتي عشر ركعة رأى الناس أنه قد خفف عليهم!!!" يعني يقرأ في كل ركعة قريبا من نصف جزء في كل ركعة واحده قريب من نصف جزء.

وعن خالد بن دريد قال:" كان لنا إمام في البصرة يختم بنا القرآن في كل ثلاث ليال مرة، قال فمرض إمامنا فأمنا رجل غيره فختم بنا القرآن في كل أربع ليال مره فرأى الناس أنه قد خفف عليهم!!!"

الأول كان يقرأ عشرة أجزاء في كل ليلة ثم لما مرض الإمام صار الثاني يقرأ سبعة أجزاء ونصف فرأى الناس أن صلاة الثاني خفيفة !!!

النفس إن عودتها أنت على طول الصلاة تعودت لكن إن لم تعودها على ذلك ساقتك هي إلى مزيد راحة وقعود.

لذلك نحن إذا قرأنا قول النبي عليه الصلاة والسلام:((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)) ينبغي أن يدفعنا ذلك إلى الاحتساب مع الإمام وطول الصلاة معه فإذا انتهى أخذ الواحد منا مصحفه وقرأ جزءً أو جزئين قربة إلى رب العالمين، ووالله أيها الأفاضل إن رمضان يمر سريعا كما وصفه الله تعالى بذلك، قال الله جل وعلا عن رمضان :[ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ] ثم قال:[ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ] لم يقل الله تعالى شهرا إنما قال [أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ] وهو أيام سريعة تمر ثم ينظر الإنسان بعد ذلك ماذا حصَّل وماذا سجل وماذا قدم بين يدي الله تعالى.





أسأل الله جل وعلا أن ينفعنا بما سمعنا...أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه...اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

reaction:

تعليقات